طبيعة عملي تفرض علي الجلوس فترات طويـــلة دون أي مجهود عضلي يذكر.. إلا إذا كنا سنعتبر نقرات الأصابع على الفأرة ولوحة المفاتيح مجهود يذكر.. ولأنني مازت صغيرة على انحناء الظهر والخمول العام فقد قررت مؤخرًا الذهاب لناد صحي لأستعيد لياقتي ونشاطي.. وياليتني لم أفعل!!!
قمت أنا وأختي بالحجز للاشتراك في التمارين، لكن قررنا البدء مع منتصف الشهر لأن الشهر كان قد بدأ بالفعل وضاع علينا مرة أو اثنين فلا داع لتحمل تكلفة خدمة لم نتلقها.. وبالفعل مع منتصف الشهر ذهبنا وكانت المفاجأة أن اشتراك نصف الشهر أغلى من نصف اشتراك الشهر الكامل.. أي أن اشتراك الشهر الكامل بثلاثين جنيه ونصفهم خمسة عشر جنيه أما اشتراك نصف الشهر فهو عشرون جنيهًا.. فأصبح الأمر مضحكًا.. أردنا أن نوفر فدفعنا أكثر.
المهم أننا بدأنا فعلاً، ونظرًا لأنني فتاة عاملة فاخترت موعد يتناسب مع مواعيد عملي، ولحَظي العسر بدا أن الجميع يفضل هذا الموعد فهو قرب المغرب حين تكون كل من تعمل مثلي قد أنهت عملها، ومن تهتم بشئون بيتها قد أنهتها أيضًا، كما أن حرقة الشمس تكون قد خفت.. ولذا أصبح الزحام في هذا الموعد لا يطاق.. رغم هذا رفضت المدربة أن تخضع لتلك الظروف أوتقلل من إحكام سيطرتها على سير الأمور فكانت توجهنا لتنفيذ الحركات بصوت مرتفع وصارم وتنهر من تتوقف وكانت البداية ساخنة جدًا حتى أنني والتي كنت معروفة بنشاطي وقدرتي على التحمل لم أتحمل معها عدة دقائق وشعرت أن حركة أخرى كفيلة أن أسقط بينهم مغشيًا علي مع تهافت ضربات قلبي وضعف تنفسي المفاجئ فقررت دخول غرفة خلع الملابس لأرتاح فأعود، أو لا أرتاح فأرتدي ملابسي وأرحل، فلست هنا لأنتحر
ما حدث أنني ارتحت قليلاً، وتلوت الإخلاص والمعوذتين، فليس مستبعدًا أبدًا أن أكون قد حُسدت وسط هذه الكمية ممن يردن فقدان الوزن ويجدن من ليس لديها وزن من الأساس تلعب معهن، وعدت إلى الحلبة.. أقصد إلى صالة اللعب، فأمرتنا المدربة أن نتمدد على الأرض، ومن لا تجد لها مكان تخرج إلى الصالة الأخرى.. وهنا قلت في نفسي "جاء الفرج، أخيرًا بعض المساحة والهواء وسط الحر والزحام" وتمددنا وأرحت أنا رأسي ناظرة إلى السقف، وكانت الصالة بسقف عال وشبايبك متعددة قرب السقف بزجاج سميك تطل على ملعب لكرة القدم بجوارنا.. وأثناء تأملي وفي جزء من الثانية سمعت صوت ارتطام وتهشم زجاج ورأيت فوق رأسي مباشرة أجزاءه وهي تدخل فجأة نتيجة ارتطام شيء بها ثم تتساقط علينا متناثرة في محيط المكان تحت الشباك، وكرد فعل لا إرادي وجدتني أضم ذراعي الممددين فوق رأسي لأغطي بهما وجهي وأغمضت عيني ولم أتحرك إلا بعدما سمعت آخر صوت تساقط زجاج على الأرض، وكانت البنات من حولي حينها قد بدأن في التحرك من أماكنهن بالفعل متساءلات بخوف عما قد حدث.. وبفضل الله لم يصب أحد إلا واحدة وليست إصابة خطيرة.
أُمرنا أن نخرج من الصالة وبدأت العاملة في التنظيف، ثم أُخبرنا أن التمارين اليوم قد أُلغيت حتى لا يجرح أحد ومن يريد استخدام الأجهزة فليفعل، أو ليرحل.. ورحلنا
رغم صعوبة هذه المرة، إلا أنني كنت في انتظار المرة التالية بقليل صبر، فمن المعروف أن ممارسة مجهود عضلي مفاجئ إن لم يتم الاستمرار عليه في نفس الموعد يصيب العضلات ألم شديد وكأن المرء قد خرج للتو من عراك قوي ويصبح التحرك صعبًا
ذهبنا المرة التالية وتخلصت ولله الحمد من الشدة التي كانت بجسدي لكن ولعجبي ظل كعب قدمي يؤلمني.. سألت المدربة عن الأمر بعدما انتهينا فأخبرتني أن أرتاح تمامًا وأضع عليه كمادات دافئة وإن لم أرتح لحين المرة القادمة فلا أقفز معها أو أعتمد عليه في الحركات.. ولكن من أين لي الراحة وأنا أعمل كل يوم ثمان ساعات على الأقل والمشكلة ليست في طبيعة العمل ولكن في الذهاب والإياب والتحرك لبعض الأغراض أثناء العمل.. المهم أنني لم أفعل ما أوصتني به المدربة وذهبت للتمرين مرة واثنان بعدها وأجبرتني الظروف أن أعود لبيتنا ماشية وبالخطوة السريعة فقد كانت المواصلات مزدحمة ولم أكن قد صليت بعد.. وانقضى اليوم
اليوم التالي كنت أسير بعرج لم أستطع تفاديه ولحظي أتى لزيارتنا ابن خالتي وزوجته والتي كانت أول مرة ألقاها، فقد تزوجا حديثًا ولم تتح لي الفرصة مقابلتها من قبل.. بالطبع كنت أتمنى أن ألقاها بغير عرج لكن قدر الله وما شاء فعل.. وألمحت لها وسط كلامنا القليل أني أعرج قليلاً بسبب التمارين الرياضية ولا أظنها التفتت كثيرًا لما أقول أو لأنني أعرج من الأساس.. فقد تلاقينا اليوم التالي في خطبة أقارب لأمي وحين عدت للحديث -باستفاضة هذه المرة- عن هذا الأمر مع بنات خالتي، قالت لي بلطف "ألف سلامة عليكِ".. عرفت حينها أن المرء أحيانًا يضخم الأمور ولا يراها أحد ضخمة إلا هو، خاصة إن كان هو محورها
اليومين التاليين في ذهابي للعمل كانا عذابًا بحق فقد زاد العرج ولم أكن أستطيع تسريع خطوتي إن أردت، وأصبح نزول السلم مؤلمًا جدًا وأشعر طوال الوقت بحرقان في كعبي الاثنين.. بعض الزميلات افترضن أن يكون ناتج عن ترسب أملاح في قدمي.. ورغم أنني لم أشكو من هذا الأمر من قبل فقد أعطيت نفسي حق أخذ دواء دون إذن طبيب وتناولت فوار إذابة الأملاح لثلاث مرات دون تحسن ملحوظ، وحينها قررت استشارة الطبيب أخيرًا، ولم أذكر له بالطبع أمر الفوار هذا وإلا كان نهرني وأنا الفتاة المتعلمة كيف آخذ دواء دون استشارة طبيب..
طلب مني الطبيب الجلوس على سرير الكشف وضغط باصبعه على كعب قدمي من الأسفل وسألني إن كان هناك ألم فأجبت أن لا، ثم ضغط على جانب أعلى كعبي فشعرت بالألم.. وصف لي دواء وأمرني بالراحة، فأخبرته أنني أعمل فكتب لي شهادة مرضية وقال لي أن ما أعاني منه هو "التهاب في وتر أخيلس"!!!
أثناء عودتنا للبيت أخبرني أبي أن أخيلس هذا يوناني وحدثني قليلاً عنه فقررت البحث في شأنه بعد عودتنا.. وقد كان.
تحكي الأساطير اليونانية القديمة أن" أخيلس" هو ابن "بيلوس" ملك "ميرميدون" وزوجته"ذتيس" كانت من الحوريات -وكأنني أعرف أي منهم- أرادت أمه أن تجعله خالدًا لذا قامت بغمره في مياه نهر "سايتكس"!!! وأثناء غمره كانت تحمله من عرقوب قدميه وهو الوتر الخلفي فوق الكعب ونسيت غمره أيضًا في الماء فظل هذا الجزء غير خالد في جسد "أخيلس"!!! عرف هذا أحدهم في معركة طروادة فرماه بسهم في عرقوب قدمه فأرداه قتيلاً..
هذا بالنسبة للأسطورة..
أما عن سبب تسمية وتر أخيلس بهذا الاسم فقد كان مكتشف هذا الوتر طبيب تشريح ألماني اسمه Philip Verheyen والذي نسب اسم الوتر لأسطورة أخيلس..
ووتر أخيلس هو أسمك وأقوى وتر بالجسم، ووظيفته هي اتصال العضلات الخاصة ببطن الرجل إلى عظمة بالقدم تسمى calcaneus
وكثيرًا ما يصاب الرياضيون بالتهاب في هذا الوتر أو يتفاقم الأمر عن الالتهاب "اللهم احفظنا".. وهذا نتيجة التحميل عليه كثيرًا في الحركة مثل العدو أو لعب كرة القدم.. أو التمارين الرياضية الشديدة كما فعلت أنا فلم يكن هناك تناسق في قوة عضلات الساق، مع القفز على مشط القدم والتحرك حركات شديدة ومتسارعة يبدو أن هذا ما ألهبه
وحاليًا أنا في فترة الراحة أخيرًا.. وغالبًا هذا من أسباب دخولي هنا، فقد كان ضيق الوقت أحد مسببات ابتعادي عن الكتابة
ثرثرت كثيرًا.. أترككم لترتاحوا مني قليلاً.. أو كثيرًا.. لا أدري :)
6 ...تعليقات:
الحمد لله الذي هدانا للاطلاع على تلك المدونة اللطيفة و الجذابة ايضاً..و لقد بدأ بقراءت الموضوعات السابقة ثم اللاحقة الى أن انتهى بي المطاف الى اخر رائعة لك و هي (اه يا ظهري):))..رغم اني لم اكن أنوي قرائتها لطولها..مما جعلني أبدأ بأقصر إضافاتك و هي الأولى و إذا بي أنجرف الى الثانية تم الأخيرة...
أشكر لك إدخالي على هذا العالم اللطيف و الجديد..البعيد عن صخب المواقع الأخرى..و اتمنى لك التوفيق
ندى...
شكرًا على ردك اللطيف جدًا والذي رسم ابتسامة على وجهي
يسعدني أن طللت على كل تدويناتي.. ولله الحمد أن أعجبتك
مممم بالفعل هي طويلة "آه يا ظهري"، كنت أنوي تحريرها على مرتين، لكن بعدما أنهيتها لم أعرف من أين أنهي القسم الأول بالظبط وأبدأ الثاني، وفي النهاية فضلت ألا أقطع استرسالهاوأترك لكم الحكم عليها
عفوًا حبيبتي أنا التي أشكر لك مرورك الجميل هنا.. ويسعدني تواجدك دائمًا
وفقنا الله وإياكم
:)
حمدًا لله على سلامتكِ يا سحر..
الأجملُ في القصة هو وضعكِ المعلومات الصحية ومزجها بقصة أخيلس..
شفاكِ الله وعافاكِ من كل سوء..
ولا تجهدي نفسكِ ، فقط قومي بإحماء قبل التمرين..
وكل شكري وتحيتي لكِ
مريم..
الله يسلمك يا مريوم
إحدى زميلاتي حين سألتني عن سبب غيابي وأخبرتها أنه "وتر أخيلس" قالت لي:"إحنا عندنا حاجة في جسمهنا اسمها كده!! ده اسمه يخوف"
^^
جزاك الله خيرًا على الدعوة الطيبة
ولا أظنني سأعود للتمارين مرة أخرى إلا اللمم، كفى ما كان ^^"
شكرًا على مرورك الطيب هنا.. لا تحرمينا تواجدك
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربنا يكون في عونك ويشفيكي يا رب انا وانت
ممكن برضه يكون الانسان بيهول الامور احيانا لما يكون هو محور احداثها
مش عارفة ايه اللي دهور الحالة عندك قوي كدة
ولله الحمد الحالة عندي كانت ابسط وظهرت بس لما روحنا مشي سريع
وان شاء الله الالم بيروح تريجيا
ربنا يشفينا يا غالية
ايناس
الحمد لله فاتت الأيام وتحسنت الأحوال
ولله الفضل والمنة
:)
إرسال تعليق